اضطراب كرب ما بعد الصدمة
 

نظرة عامة 

بعد وقوع أي كارثة أو صدمة مأساوية، سينجح الكثير من الناس في نهاية المطاف في العودة إلى طبيعتهم السابقة. ولكن سيختبر العديد من الأشخاص في البداية أفكار ومشاعر وأعراض جسدية مؤلمة. 

ليس من السهل على أي شخص استيعاب وتقبل الأحداث الصادمة، فمن الطبيعي أن يشعر العديد من الأطفال ايضاً بالخوف والارتباك. لكن لحسن الحظ، يتمتع العديد من الأطفال بالمرونة الشديدة حتى أولئك الذين تعرضوا للصدمات. يمكن للوالدين والمعلمين أفراد الأسرة المساعدة من خلال الاستماع والرد بطريقة صادقة ومتسقة وداعمة. 

يعاني غالبية الأفراد المعرضين لأحداث مؤلمة من أعراض ما بعد الصدمة بعد وقت قصير من الحدث الصادم. بمرور الوقت، وخاصة خلال الشهر الأول أو نحو ذلك، تميل الأعراض إلى التحسن تدريجيًا. ومع ذلك، في بعض الحالات، يمكن أن تزداد الأعراض بمرور الوقت، وتشكل المزيد من الضيق العاطفي والنفسي وتؤثر على الأداء العام للشخص في ممارسة حياته. في تلك الحالة، قد تكون الأعراض انعكاسًا لتشخيص اضطراب كرب ما بعد الصدمة.  

الأسباب

يصاب معظم الأشخاص المصابين باضطراب كرب ما بعد الصدمة بهذه الحالة بعد تعرضهم لحدث مؤلم، مثل؛ حادث خطير، أو اعتداء جسدي أو جنسي، أو خلال الحروب أو الكوارث الطبيعية مثل الزلازل أو الفيضانات. 

الأكثر عرضة للإصابة باضطراب كرب ما بعد الصدمة هم الأشخاص الذين لديهم تاريخ سابق من المرض النفسي أو الصدمات، بالإضافة إلى من يعانون مسبقاً من ظروف حياة مجهدة ونقص الدعم. 

من المهم أن نتذكر أن كل شخص يختبر الصدمة بشكل مختلف. قد لا يكون الحدث المسبب لصدمة بالنسبة لشخص ما، له نفس التأثير بالنسبة لشخص آخر. كل شخص لديه قدرة مختلفة على تحمل الصدمات، وتلك القدرة تعتمد على خليط من العوامل؛ مثل الوراثة والتركيب الكيميائي والتجارب السابقة. 

ليس بالضرورة أن يكون كل من يعاني من اضطراب كرب ما بعد الصدمة قد مر بحدث خطير. في بعض الحالات، مجرد معرفة أن قريبًا أو صديقًا قد تعرض لحدث شديد أو صدمة ما، يمكن أن يتسبب اضطراب كرب ما بعد الصدمة. 

العلامات والأعراض المرضية

من الطبيعي الشعور بردود فعل قوية مثل الخوف أو الغضب أو الحزن بعد حدث صادم. بالنسبة لمعظم الناس، سوف تمر هذه المشاعر مع الوقت وبدعم من الأصدقاء والعائلة. بالنسبة للأشخاص الذين يصابون باضطراب كرب ما بعد الصدمة ، فإن هذه المشاعر تكون شديدة ومؤلمة للغاية ويمكن أن تستمر لفترة طويلة إذا تركت دون علاج. وقد تؤثر أعراض كرب ما بعد الصدمة مع الأداء العام للشخص في ممارسة حياته في عمله وفي حياته الاجتماعية. 

يتم تحديد أعراض كرب ما بعد الصدمة من خلال أربع مجموعات رئيسية من الأعراض:

  • استرجاع الأحداث الصادمة من خلال الذكريات المتدخلة أو الكوابيس. وبالإضافة إلى المشاعر القوية، قد تكون هناك أعراض جسدية مثل التعرق أو خفقان القلب أو نوبات الهلع.
  • الشعور بالتخدر العاطفي. يعاني بعض الأشخاص من "الانفصال" - شعور كأنهم يرون الأحداث من بعد من خارج أنفسهم.
  • الشعور بالقلق و التوتر بدون سبب. زيادة التنبه بمعنى أن الشخص يظل منتبه باستمرار إلى الخطر، مما قد يؤدي إلى الاهتياج وقلة التركيز.
  • تجنب ما يُذكر بالحدث - يتجنب الشخص عمدًا الأنشطة أو الأماكن أو الأشخاص أو الأفكار أو المشاعر المرتبطة بالحدث لأنها تعيد الذكريات المؤلمة.


اضطراب كرب ما بعد الصدمة عند الأطفال والمراهقين:

يمكن أن يكون لدى الصغار ردود فعل شديدة تجاه الصدمات، لكن أعراضهم قد تختلف عن أعراض البالغين. عند الأطفال صغار السن، يمكن أن تشمل هذه الأعراض:

  • تبليل السرير بعد تعلم استخدام المرحاض
  • نسيان كيفية التحدث أو عدم القدرة على الكلام
  • تمثيل الحدث الصادم خلال اللعب
  • التشبث بشكل غير عادي بأحد الوالدين 

الأطفال الأكبر سنًا والمراهقين يظهر عليهم أعراضًا مشابهة اكثر لتلك التي تظهر عند البالغين. 

إذا كان الشخص قد مر بحدث مؤلم وعانى من مجموعة من الأعراض المذكورة أعلاه لمدة شهر أو أكثر، فقد يكون يعاني من اضطراب كرب ما بعد الصدمة. 

الأشخاص المصابون باضطراب كرب ما بعد الصدمة أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب واضطرابات القلق الأخرى ومشاكل تعاطي المخدرات. 

العلاج

من المهم لأي شخص يعاني من الأعراض مقابلة طبيب نفسي متخصص. العلاج الرئيسي يتكون من العلاج النفسي أو الأدوية أو كليهما. يمكن للطبيب النفسي مساعدة الشخص في الوصول لخطة العلاج التي تناسب أعراضه واحتياجاته. 

بعض الأشخاص المصابين باضطراب ما بعد الصدمة قد يكونوا يمرون بالصدمة بصورة مستمرة، مثل كونهم في علاقة مسيئة أو مؤذية. في هذه الحالات، يكون العلاج أكثر فاعلية عندما يعالج كلاً من السبب والأعراض. قد يعاني الأشخاص المصابون باضطراب ما بعد الصدمة من اضطراب الهلع أو الاكتئاب أو الأفكار الانتحارية. يمكن أن يساعد علاج هذه الحالات في التعافي بعد الصدمة. الأبحاث تؤكد أن الدعم من العائلة والأصدقاء يمكن أن يكون أيضًا جزءًا مهمًا من التعافي. 

سؤال: ما الفرق بين رد الفعل الطبيعي لحدث صادم واضطراب كرب ما بعد الصدمة؟

جواب: يتفاعل الناس مع أي تجربة صادمة بعدة طرق، مثل الحزن، أو التهيج، أو الارتباك. في أعقاب حدث صادم كبير، يشكو معظم الناس من الإجهاد أو صعوبة التركيز أو النوم أو التعامل مع الآخرين. في حالة اضطراب كرب ما بعد الصدمة، تتزايد وتتفاقم الأعراض وتؤثر على الأداء الاجتماعي والوظيفي وتستمر لفترة أطول من شهر. إذا كنت أنت أو أحد أفراد أسرتك تعاني في التعامل مع حدث صادم ما، فسيكون من المفيد اللجوء لمساعدة متخصصة.

سؤال: هل هناك مشاكل جسدية مرتبطة باضطراب كرب ما بعد الصدمة؟

جواب: بالإضافة إلى الأفكار والمشاعر المذكورة بالأعلى، قد يعاني الشخص أيضًا من أعراض جسدية، مثل ارتفاع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، والتعب، وتوتر العضلات، والغثيان، وآلام المفاصل، والصداع، وآلام الظهر أو أنواع أخرى من الألم. قد لا يدرك الشخص الذي يعاني من الألم العلاقة بين الألم والحدث الصادم. لقد ثبت أن اضطراب كرب ما بعد الصدمة المزمن يزيد من خطر الإصابة بمجموعة متنوعة من المشكلات الصحية ويقلل من متوسط ​​العمر المتوقع. خلال جائحة كورونا ارتبط إدراك التهديد المميت للفيروس بظهور الأعراض الجسدية المرتبطة بالصدمات.