الاضطرابات الذهانية و الفصام
كلمة ذهان هي كلمة تستخدم لوصف حالة تؤثر على العقل بحيث يفقد الشخص اتصاله مع الواقع. عند إصابة الشخص بـ "نوبة ذهانيه"، تكون أفكار الشخص واستقباله للأمور في حالة مضطربة بحيث أنه لا يمكنه التمييز بين ما هو حقيقي وما هو غير حقيقي؛ وذلك بسبب الهلاوس (سماع أو رؤية أو الإحساس بأشياء غير موجودة) أو الضلالات (وهي اعتقادات خاطئة يقتنع بها الشخص بشكل ثابت). قد يعاني مريض الذهان أيضا من أعراض اكتئاب، قلق، مشاكل بالنوم، عزلة اجتماعية، فقدان للتحفيز وصعوبة في أداء مهام الحياة اليومية بشكل عام.
قد يمر الشخص بنوبة ذهانيه واحدة أو أكثر من نوبة على مدار حياته. قد يكون الذهان بسبب مرض عقلي مثل الفصام، أو مرض عصبي مثل خرف الشيخوخة، أو بسبب التسمم ببعض المواد مثل المخدرات، وقد يحدث بسبب أمراض أخرى عديدة تصيب المخ مثل الشلل الرعاش، الصرع، أو حتى الصداع النصفي. هناك العديد من العلاجات المتاحة الفعالة مثل العلاج الدوائي و العلاج النفسي التي تُمكن الشخص المصاب بالذهان أن يحيا حياة جيدة ومُرضية.
الأسباب
الذهان ممكن أن يصيب أي شخص في أي سن و من أي جنس أو عرق أو مستوي تعليمي. غالبا ما يظهر عندما يكون الشخص في آخر سنوات المراهقة و حتى منتصف العشرينيات.
لا يوجد سبب واحد محدد للذهان، الأسباب مركبة و تشمل: عوامل وراثية، عوامل بيئية مثل الخبرات الحياتية ، الأمراض العضوية، تعاطي المخدرات، و عوامل آخري من مكن أن تزيد فرص الإصابة بالذهان.
الأعراض
تختلف أعراض الذهان من شخص لأخر وتشمل:
- اضطراب التفكير: أحيانا يكون الكلام غير مرتب و يكون من الصعب لأي شخص آخر أن يفهم ما يحاول قوله مريض الذهان.
- اضطراب السلوك: قد يكون مريض الذهان متوتر بدرجة شديدة و يتصرف بشكل غير ملائم للموقف أو بشكل غريب و غير مفهوم، وفي الحالات الشديدة قد يأخذ وضعية معينة و يثبت عليها و لا يستجيب للعالم من حوله تماما وتسمى تلك الحالة بالتخشب.
- الأعراض السلبية: نقص التفاعلات العاطفية، نقص التحفيز، قلة الكلام، أو قلة الاحساس بالفرح أو البهجة.
- الضلالات: وهي أفكار خاطئة ثابتة لا يمكن تغييرها بالدليل (مثل شعور الشخص أنه مراقب أو مضطهد من الآخرين أو أنه لديه قدرات خاصة).
- الهلاوس: وتشمل سماع أو رؤية أو الإحساس بأشياء غير موجودة (مثل سماع شخص غير موجود يتحدث إليه، إما بأوامر أو تعليقات أو شتائم، و عادة يقوم المريض بتفسير هذه الأصوات على انها شكل من أشكال السحر و الأعمال).
التشخيص
في حالات كثيرة يكون الذهان في صورة نوبة محددة بفترة بداية و نهاية، وهي فترة من الأعراض الحادة مثل الضلالات و الهلاوس. يختلف طول مدة النوبة من شخص لآخر ويعتمد على عوامل آخري مثل نوع وسبب النوبة. قد تكون النوبة مجرد عدة ساعات مثل تلك المصاحبة للتسمم بالمخدرات، او تمتد لمدة اشهر مثل في اضطراب الفصام والذي يستلزم وجود الاعراض لمدة 6 شهور على الأقل حتى يمكن تشخصيه.
يمكن للذهان أن يتطور تدريجياً مع الوقت أو يبدأ بطريقة مستترة من الصعب تحديدها. بعض العلامات الشائعة التي يجب الانتباه لها هي:
- تغيرات المشاعر
اكتئاب، قلق، شك، أو ردود أفعال شبه منعدمة أو أقل بكثير من الطبيعي.
- تغيرات التفكير
صعوبة في التركيز أو الانتباه، تغيير في الاحساس بالذات أو العالم، أو وجود أفكار غريبة.
- تغيرات السلوك
تغيير في النوم أو الشهية، الانسحاب من المجتمع، مشاكل العمل أو الدراسة أو المشاكل الاجتماعية.
إذا لم تعالج هذه الأعراض، يمكن أن تتحول إلى نوبة ذهانيه كاملة.
أفضل وسيلة للبدء لمعرفة تشخيص الذهان هي الذهاب إلى طبيب الأمراض النفسية. الطبيب النفسي هو أكثر شخص مؤهل لتحديد تشخيص صحيح و وضع خطة علاجية مناسبة.
العلاج
قد يتصرف مريض الذهان بطريقة محيرة أو غير متوقعة، وقد يصبح كثير التهديد أو عنيفًا. و مع ذلك فإن احتمالية ايذاء المريض لنفسه أكبر من احتمالية ايذاءه لشخص آخر. إذا لاحظت هذه التغييرات السلوكية وخاصة إذا زادت في الشدة، فمن المهم طلب المساعدة. هناك العديد من العلاجات المتاحة الفعالة مثل العلاج الدوائي و العلاج النفسي التي تُمكن الشخص المصاب بالذهان أن يحيا حياة جيدة ومُرضية.
تشمل الخطة العلاجية:
- العلاج الدوائي: الذي يساعد في تقليل الأعراض الذهانيه، ويتم اختيار العلاج والجرعات بحيث يتناسب مع المريض واحتياجاته الفردية. ومثل كل الأدوية الأخرى، فإن مضادات الذهان لديها فوائدها وشوائبها، ويجب على المريض أن يتحدث مع الطبيب عن الآثار الجانبية، وتكلفة العلاج، وتفضيلاته من حيث كون الجرعات أقراص يومية أو حقن شهرية.
- العلاج النفسي الفردي أو الجمعي: وهذا العلاج يتم تنظيمه طبقا لاحتياجات كل فرد، بحيث ينمي الصلابة النفسية، وبناء مهارات التأقلم والتكيف، و إدارة المرض والصحة النفسية.
- الدعم و التثقيف الأسري: يتم تثقيف و توعية الأسرة عن الذهان، و تعليمهم مهارات التأقلم والتواصل وحل المشكلات؛ بحيث يكون للعائلة دورا ايجابياً في العلاج وتكون أكثر استعدادا لمساعدة أفرادها في مسيرة الشفاء.
هناك اعتقاد عام قوي أن المرضى الذهانيين من المحتمل بشكل كبير أن يتصرفوا بشكل عنيف، وبرغم أن هذا غير صحيح إلا أن بعض الناس تتعامل بخوف أو بأحكام مسبقة عندما تعلم بأن أحدهم قد مر بنوبة ذهانيه.
الوصمة مؤلمة بشدة للمرضى و أسرهم .. ولكنك تسطيع أن تحمي نفسك من هذه المفاهيم الخاطئة عن طريق التعلم قدر الامكان من المصادر الموثوقة.
ما هو الفصام؟
الفصام هو مرض عقلي يؤثر على طريقة تفكير الشخص و مشاعره وتصرفاته. قد يبدو الأشخاص المصابون بالفصام كما لو أنهم فقدوا الاتصال بالواقع ، مما قد يكون محزنًا لهم ولعائلاتهم وأصدقائهم. يمكن أن تسبب أعراض الفصام صعوبة في المشاركة في الأنشطة اليومية المعتادة ، ولكن العلاجات الفعالة متوفرة. ويمكن للعديد من الأشخاص الذين يتلقون العلاج الانخراط في الدراسة أو العمل وتحقيق الاستقلال والاستمتاع بالعلاقات الشخصية.
قد تساعد طبيعة مرض الفصام المعقدة في تفسير سبب وجود مفاهيم خاطئة كثيرة عن المرض، فالفصام لا يعني انقسام الشخصية أو تعدد الشخصيات كما يعتقد كثير من الناس أو كما تشير اليه العديد من المواد الإعلامية.
معظم المصابين بالفصام ليسوا أكثر خطورة أو عنفًا من عامة الناس. ولكن موارد الصحة النفسية المحدودة في المجتمع قد تؤدي إلى تشرد المرضى ودخولهم المستشفيات بشكل متكرر، و رغم أنه من المفاهيم الخاطئة أن الأشخاص المصابين بالفصام لابد أن ينتهي بهم الأمر إلى التشرد أو المعيشة في المستشفيات، إلا أن الحقيقة هي أن معظم المصابين بالفصام يستطيعون العيشة مع أسرهم أو بمفردهم.
الأعراض
عندما يكون المرض نشطًا ، يمكن وصفه بنوبات لا يستطيع فيها الشخص التمييز بين التجارب الحقيقية وغير الحقيقية. كما هو الحال مع أي مرض، يمكن أن تختلف شدة الأعراض ومدتها و مدى تكرارها، و لكن غالبًا ما ينخفض معدل حدوث الأعراض الذهانيه الشديدة مع تقدم الشخص في السن. عدم أخذ الأدوية كما هو موصوف، وتعاطي المخدرات، والأزمات الحياتية يؤدي إلى زيادة الأعراض.
تنقسم الأعراض إلى ثلاث فئات رئيسية:
- الأعراض الإيجابية: (تلك الموجودة بشكل غير طبيعي) الهلوسة ، مثل سماع أصوات أو رؤية أشياء غير موجودة ، و الضلالات بأن الشخص مراقب أو مضطهد من الآخرين أو أنه لديه قدرات خاصة.
- الأعراض السلبية: (تلك الغائبة بشكل غير طبيعي) فقد أو نقص القدرة على البدء في التخطيط أو التحدث أو التعبير عن المشاعر أو البحث عن المتعة.
- الأعراض الإضطرابية: مثل التفكير والكلام المضطرب أو الغير مفهوم، مشاكل في التفكير المنطقي وأحيانًا السلوكيات الغريبة أو الحركات غير الطبيعية.
الفصام يؤدي ايضاً إلى مشاكل في الانتباه والتركيز والذاكرة وتدهور الأداء التعليمي أو الوظيفي.
تظهر أعراض مرض الفصام عادةً لأول مرة في أواخر سن المراهقة، ويجب أن تستمر لمدة ستة أشهر على الأقل حتى يمكن التشخيص. غالبًا ما يعاني الرجال من الأعراض الأولية في أواخر سن المراهقة أو أوائل العشرينات بينما تميل النساء إلى ظهور العلامات الأولى للمرض في العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من العمر. قد تظهر علامات أقل وضوحاً في وقت سابق مثل العلاقات المضطربة، والأداء الدراسي الضعيف، و فقدان التحفيز.
قبل التمكن من التشخيص يجب على الطبيب النفسي إجراء فحص طبي شامل لاستبعاد استخدام المخدرات أو بعض الأمراض العصبية أو العضوية التي تشابه أعراضها مرض الفصام.
العلاج
هناك مجموعة متنوعة من الأدوية المضادة للذهان الفعالة في تقليل الأعراض الذهانيه الموجودة في المرحلة الحادة من المرض، كما أنها تساعد في تقليل احتمالية حدوث نوبات حادة في المستقبل وشدتها. العلاجات النفسية مثل العلاج المعرفي السلوكي و أنواع آخري من العلاج النفسي قد تقلل من حدة الأعراض و تحسين الأداء الوظيفي و تقليل التوتر و تحسين المهارات الاجتماعية.
يمكن أن يكون التشخيص والعلاج معقدا بسبب تعاطي المخدرات. الأشخاص المصابون بالفصام أكثر عرضة لسوء استخدام الأدوية من عامة الناس. إذا ظهرت على الشخص علامات الإدمان ، فيجب أن يتم علاج الإدمان إلى جانب علاج مرض الفصام.
هل يحتاج كل شخص مصاب بالفصام إلى أخذ دواء؟ هل يمكن أن يساعد العلاج النفسي شخصًا مصابًا بالفصام؟
يحتاج جميع الأشخاص المصابين بالفصام إلى الأدوية في بعض الأوقات ، وسيتحسن أداء معظمهم مع استمرار استخدام الأدوية للمساعدة في السيطرة على الأعراض ومنع الانتكاس. لكن الأدوية ليست فعالة لجميع جوانب المرض، قد يساعد العلاج النفسي في علاج أعراض معينة وتحسين نوعية الحياة. كما يمكن أن يمنح التثقيف النفسي لأفراد الأسرة فهمًا أفضل للاضطراب و كيفية التعامل معه.
لذا ، نعم ، العلاج الدوائي مهم، و لكن النهج المتكامل والشامل أفضل من احد طرق العلاج مفرداً.
ما هي الأعراض الأولى التي قد يلاحظها شخص ما إذا كان مصابًا بالفصام؟
في أغلب الأوقات تظهر علامات وأعراض مبكرة قبل الوصول إلى الصورة المرضية اللازمة للتشخيص، يوجد الآن تركيز متزايد على تحديد الشباب الأكثر عرضة للإصابة باضطراب ذهاني وتقديم العلاج والخدمات مسبقًا. في هذه المرحلة، تشمل الأعراض والعلامات: مشاكل في العلاقات الشخصية، تدهور الأداء الدراسي أو الوظيفي، الانعزال عن الآخرين، الإفراط في الشك، وتجربة ظواهر غريبة مثل سماع صوت أو ضوضاء مع عدم التأكد مما إذا كان قد تم سماعه حقًا. هذه ليست دائمًا أعراض الفصام المبكرة ، ولكنها مؤشر بأنه وقت مناسب للتقييم وزيارة طبيب الأمراض النفسية على أمل منع التدهور وحدوث نوبة ذهانيه كاملة.
يمكن أن تحدث جميع العلامات والأعراض بدرجة طبيعية لدى الأشخاص غير المرضى، لذلك يجب أن ينظر التشخيص إلى شدة الأعراض وتأثيرها على الأداء الوظيفي والضيق الناتج عنها. من المهم استبعاد الأسباب المحتملة الأخرى لهذه الأعراض قبل تشخيص مرض الفصام.