الإدمان


نظرة عامة عن الإدمان 

إذا كانت المخدرات مشكلة مجتمعية عامة تمس كافة أنحاء المجتمع وبالغة التعمق والخطورة في كافة المجتمعات البشرية، فإن الإدمان هو مرض ذو طبيعة معقدة ومتغيرة؛ فهو مرض مزمن قابل للانتكاسة، وهو يندرج تحت الاضطرابات الإدمانية والاضطرابات المتعلقة باستخدام المواد المؤثرة على الحالة النفسية. 

وحيث أن فهم أي مشكلة نابع عن تصورها أولاً ؛ لذا فإليكم عرض مختصر جداً لبعض الإحصائيات الخاصة باستخدام المواد المؤثرة على الحالة النفسية . إن استخدام التبغ رغم قانونيته وقبوله اجتماعياً في أغلب المجتمعات البشرية فإن استخدامه هو سبب الوفاة الأول القابل للمنع في العالم (8 مليون وفاة سنوياً). 

بل إن ظهور استخدام أجهزة التبغ (النيكوتين) الالكترونية أثر بشكل كبير على إتاحة التبغ فب جميع أنحاء العالم. وقد ارتفعت نسبة الوفيات بسبب استخدام المواد المخدرة لأكثر من 60% عن العقدين الماضيين . 
 

smoe

وبرغم تنوع مظاهر وأعراض مرض الإدمان وكونها تشمل تكتلات معنقدة من أعراض معرفية وسلوكية وفسيولوجية بيولوجية، فإن المميز الأساسي لهذا المرض هو السلوك القهري والمتكرر والمندفع نحو الحصول أو تعاطيه . 

ولنوضح هنا أن المخدر أو مادة التعاطي ليست إلا ما يراه المريض كمحفز له، وقد قام التصنيف التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية الصادر من الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين بإضافة ممارسة المقامرة إلى الاضطرابات الإدمانية وكذلك أوصى بإضافة ممارسة ألعاب الشبكة العنكبوتية بشكل متكرر وقهري، وهو بذلك يفتح الباب للكثير من الإبجاث في مجالات الإدمان السلوكي أو السلوك الإدماني الذي يؤدي بالمريض إلى تدمير ذاته ومن حوله. 



وكما أن المادة ونوعها ليست هي أساس التشخيص ، فكذلك أدت الأبحاث إلى أن التعاطي اليومي (حتى لو ليس مصحوباً بلهفة) ليس مقياس دقيقي على الإطلاق للوقوف على إدمان الشخص من عدمه ، بل المعتاد في هذه المرحلة أن يمارس المريض خداع نفسه بأنه ليس مريضاً عن طريق ممارسة فترات من الامتناع عن التعاطي، بينما أثبتت أحدث الأبحاث العلمية بأن الاستخدام الخاطىء مثل فترة احتضان الفيروس قبل ظهور أعراض المرض فهو يمثل بوادر أن المريض يسير من احتضان مرض الإدمان داخلياً نحو الاعتماد التام على المواد المخدرة . 
 

إن الإدمان مرض مثل مرض السكر وارتفاع ضغط الدم المزمن وسائر الأمراض العضوية المعروفة في الطب الحديث وبالتالي فهو له أعراض وعلامات ويصحبه تغييرات في تركيب ووظيفة بعض أعضاء الجسم وله أسباب وطرق وقاية وله طرق علاجية ، ولنا في هذا تفصيل لابد منه 
 

مرض الإدمان له أسباب تتكون من مدى عرضة الشخص العادي للمرض بسبب التركيب الجيني له (والتي تصل من 40 إلى 60 % في مرض الإدمان) مع العوامل المحيطة بالشخص والتي يكون لها اليد الطولى عادة في توقيت حدوث وظهور المرض وكذا أعراضه الخاصة بكل مريض فمثلاً البيئة المحيطة تحدد توافر أنواع معينة من المخدرات، بينما يشكل الموقف العام نحو المخدر ومدى قبوله الأماكن والرفقاء ، أما حياة الشخص نفسه بما فيها من هوايات وطرق الاستمتاع تحدد طريقته في التعامل مع الضغوط وحالته التي تدفعه للهروب إلى المخدر. 

  • مرحلة الاستخدام التجريبي أو الترويحي
  • الاستخدام في المناسبات أو الغير منتظم ، وهذا عادة لسبب أو موقف معين.
  • الاستخدام الزائد أو المنتظم ، وهذا عادة للتعامل مع المشاكل أو الحفاظ على مستوى الأداء.
  • الاستخدام القهري أو الإدماني ، وهذه أشد وأخطر المراحل ، والتي يحتل فيها المخدر صدراة قائمة أولويات المريض (فوق صحته ، وفوق أسرته وعائلته، وفوق عمله) حتى يصل إلى أن تكون حياته تدور في فلك المخدر وحده وليس سواه ، مستمراً في الدوران رغم أي مشاكل قد تحدث له أو بسببه ؛ فلا شىء – وهو في هذه المرحلة – سيمنعه من السعي خلف مبتغاه.

إن مما يميز مرض الإدمان كونه مرض مزمن طويل الأمد ، لا يمكن الشفاء بصفة نهائية منه ولكن يمكن محاصرته وتجنب مضاعفاته ، مثل وارتفاع ضغط الدم المزمن والربو الشعبي الذي يمكن محاصرتهم بالعلاج الدوائي والغير دوائي وتغيير العادات حتى يمكن التمتع بحياة صحية منتجة رغداء . ولعل هذا هو سبب أن الشخص إذا أصيب بمرض الإدمان فإنه يستحيل عليه – مهما بلغ من التعافي – أن يسيطر على استخدامه للمواد التي تؤثر على الحالة النفسية ، بل مجرد التفكير في قدرته هو وهم من أوهام السيطرة والتي تُعد جزءاً من آلية الإنكار والتي يتميز بها مريض الإدمان في أولى مراحله قبل الاستسلام للعلاج. 

addiction of drugs

إن مما يميز مرض الإدمان كونه مرض مزمن طويل الأمد ، لا يمكن الشفاء بصفة نهائية منه ولكن يمكنوكما أن مرض الإدمان كأي مرض عضوي له أسباب فإن طرق العلاج والوقاية تنبع من دراسة هذه الأسباب . توصي أحدث الأبحاث العلمية بأن نظم العلاج التكاملي والتي تشمل العديد من الأنظمة هي مستقبل العلاجات الطبية الحديثة ؛ فإن إنشاء خطة علاجية متكاملة يستهدف كافة جوانب المرض ومضاعفاته البيولوجية والفسيولوجية والنفسية والاجتماعية والبيئية والوظيفية وطرق الوقاية من الانتكاسة . وحيث أن مرض الإدمان ذو طبيعة معقدة ومتغيرة فهو شديد الحاجة لكون كل خطة علاجية يتم تفصيلها خصيصاً لكل مريض على حدة ، وتكون شاملة لمحاور العلاج والمتابعة ومنع الانتكاسة.